الأقسام الرئيسية

العصفور الشادى



ها هو اليوم الثاني والثلاثون لي علي ظهر الحياة ومازالت مُصَّر علي إنها حياة كئيبة تلك التي أحياها ليس بها أي شئ جديد لا أنكر إني بصحة جيدة وأن جميع طلباتي مجابة ولما لا، وأنا الأبن الوحيد والمدلل لأبوين كل أمانيهما في الحياة أن يرونني في أسعد حال ، حقاً تلك هي أقصي أمانيهما وهذه هي أمي وأفخر إنها أمي كم كانت سعادتها حين رأتني ولم أكن قد خرجت من البيضة بعد ، نعم لقد أحسست أنها قد غمرتها فرحة عارمة ، ولم أري منها حتي الآن سوى كل الطيبة والحنية والعطف والحنان ، نعم هي أمي والأم أم مهما كانت خلقتها أو شكلها أو نشئتها وها هو أبي لا يبخل علي بشئ لا يتواني عن أي طلب أطلبه منه الإ وأجده يفعل قدر ما يستطيع ليحقق لي ما أطلب ، نعم قد تقولون عنى إني محظوظ وحظوظ جداً ، أليس كذلك ؟ ولكن أري انكم جميعكم مخطئون من وجهة نظري ها هي الساعة السادسة الآن لقد حان وقت إستيقاظهم ها هو أبي لقد قام بالفعل وكعادته هبًّ نشيطاً مسرعاً من نومه وبصوته الجميل بدأ يصفر ما أجمل صوته ! إنه يملأ البيت بجو ملئ بالإنتعاش ما أجمل أن تصحو من النوم وتجد مثل هذا الصوت الجميل الذي يملأ غرفتك ! يا أبي لقد مللت الحياة في هذا المكان الكئيب!!! لقد بلغ مني الضيق أقصي حدوده بل أعتقد إنه قد تخطي حدوده وأرجوك لا تقول لي لقد تكلمنا في هذا الموضوع سابقاً مثلما تقول كل مرة ، نعم أنا أقدر وجهة نظرك بأن هذا المكان هو المكان الذي ولدت فيه ونشئت وترعرت وتزوجت أيضاً لكن أنا لا أحس بأي من هذه الأحاسيس فما الذي يجبرني علي مثل هذه العيشة المملة الرتيبة ؟والتي لا يوجد بها أية تغيير أرجوك يا أبي تفهم وجهة نظري هل تعتقد أن الأسد أو النمر أو اي حيوان آخر من الحيوانات الموجودة بداخل حديقة الحيوان سعيد بما هو فيه رغم انه يعلم ان كل يوم يأتي كثيرين ليشاهدوه وتتخطي أعدادهم المائة ألف ؟ هل تعتقد أنه سعيد لأن الآلاف يزورنه كل يوم ؟ أقول لك لا وألف لا فحياته كل يوم كاليوم السابق لا يوجد بها أي شئ جديد بل ومُطالب كل يوم بأن يكون في أحسن وأبهي حالاته حتي يرضي الآلاف الذين يشاهدونه في هذا اليوم وهل تعتقد أيضاً أنه سعيد بمثل هذه الألقاب السخيفة التي تطلق علي جميع الحيوانات ؟ فهل يعقل مثلاً أن يكون ملك الغابة محبوس وأسير في سجن ؟ هل ملك الغابة يحب أن يكون في مكان جميل جداً ويأكل أيضاً كل يوم اكلاً طازجاً داخل جدران وقفص لا يتسع لسوي عدة أمتار قليلة ؟ أم يحب أن يكون في غابة واسعة الأركان وإن لم تكن جميلة وإن لم يأكل كل يوم ؟ يا أبي لماذا تنظر إلي الساعة ؟ أنظر إليًّ أنا ، أنا منْ يتكلم وليس الساعة ، آه إنها السابعة الآن فهمت!! إنك جائع الآن لا تقلق في غضون ثلاث ثواني سيأتي الخادم بالأكل ولم أكن قد أكملت كلامي بعد حتي ظهر الخادم وها هو الأكل ، ماذا ستفعل يا أبي أستأكل وكأن كلامي لا يعني لك شيئاً ؟ ماذا تريد؟!! الماء؟!! لا تقلق يا أبي سيأتي الخادم الآخر بالماء ما أن تنتهي من الأكل .
وكلامي كله هذا يجب أن أضع بجانبه أمر هؤلاء الخدم فهم أيضاً أمرهم عجيب وغريب ولا أعلم لماذا يفعلون معنا كل هذا ؟ وماذا ينتظرون منا ؟ ولماذا كل فترة أراهم يحدقون فيًّ ، حقاً لا أدري ها هو الماء يا أبي لقد أتي به الخادم الصغير، وأنتي يا أمي ما رأيك فيما أقول وأريد أن أسمع منك قولاً مختلفاً هذه المرة وليس ككل مرة تقولين فيها "الرأي والشوري شورة أبوك" أريد أن اسمع رأيك أنتي ، هل أنتي معي وتؤيدين ما أقوله ؟ أم أنتي في صف أبي أريد أن اسمع رأي واضح وصريح هيا يا أمي فكري وقبل أن تجيبي بالله عليكي فكري مرة أخري وأخري وتذكري إني أبنك الوحيد والذي كنت تتمنينه من الله عز وجل فكري في سعادتي التي سأراها بعيداً عن هذا القصر وهؤلاء الخدم وهذا النظام والروتين الممل، وها هي الساعة التاسعة سيأتي الآن الخادم العجوز والذى يضع قطعتى زجاج دائرتين الشكل على عينيه ودائماً ما يمسك بتلك الجريدة يتصفحها ، أرأيتم ها هو قد جاء وسيجلس على هذا الكرسى وبعدها بخمس دقائق فقط لا غير سيأتى خادم آخر ويحضر له ماء أسود فى كوب صغير ، ما رأيك يا أمى فى ما أقوله ها أنا أقول لكى كل ما يحدث وما سيحدث وهذا ليس علماً بالغيب حاشا لله ، وإنما علماً بالواقع 
وبالأثنين والثلاثين يوماً الذين عشتهم فى هذا القصر ، هيا يأ امى تكلمي ... وقبل أن تتكلم قال لها أبى أنتظرى لا تتكلمى ، ماذا تريد يا بنى بالضبط ؟ وأخذ يصيح ماذا تريد ؟ تكلم ، وأنا لا أعلم لماذا أبى انفعل هكذا ، وأريد أن أقول له أهدأ لا داعى لمثل هذا الصوت العالى ، لقد جعلنى أقف وأكون فى منتهى الخجل وأكثر ما أخجلنى هؤلاء الخدم ما ان يسمعوا شجارنا حتى أراهم يحدقون إلىَّ بطريقة غريبة وكأنهم لا يريدون أن يعلموا أنى أراهم أو أعلم ما يفعلون ، أو كأنهم بشعرون بخجلى وأبى يصيح فىَّ ولا يريدون أن يبينوا لي أنهم منتبيهون لي وكل يعمل عمله ، ولكن فى الحقيقة إنى أراهم وأعلم ما يفعلون وأعلم طريقتهم تلك والتى أقل ما يقال عنها انها طريقة خبيثة وبذيئة وأن يتصنتوا علينا هكذا ... أتريد يا أبى أن تعلم ماذا أريد ؟ أريد أن اترك هذا القصر . أتريد أن أكمل لك ماذا أريد أيضاً ؟ أريد أن أعيش وأحيا حياتى بطريقتى ، أريد أن أكسب عيشى بكدى وليس بورث لى مثل الذى ورثته أنت عن أجدادك . ماذا سأفعل أنا حين يتمرد علىَّ هؤلاء الخدم أو حتى يتركونى بعد أن أكون قد كبرت وعجزت عن أن أجد عملاً لي أو مهنة أرتزق منها . أتريد أن تعرف أكثر؟ كيف لي أن أتزوج بمن أحلم بها وأنا حتى الآن لم أخرج من هذا السجن الضيق أقصد القصر الفسيح ؟ أتعلم يا أبى أنا حتى الآن لم أطير بلغت اليوم الثانى والثلاثين ولم أمارس الطيران هل تعلم معنى ذلك يا أبى ؟ لماذا أنت صامت الآن يا أبى؟ هيا تكلم ، أتعلم نحن بإمكاننا الهروب من هذا السجن ولكن أنت الذي لا تريد ، نعم أنت الذى لا تريد ولا أدرى لماذا ، قل لى شيئاً ، قل لى شيئاً أي شئ هيا تكلم لا تقف هكذا . وهنا أنفجر أبى باكياً كمن هو عاجز ان يرد ظلم واقع عليه ولكن لا يعلم كيف يرده ؟ قلت له على الفور ماذا أتبكى يا أبى..؟ ويحى ماذا فعلت؟ ماذا قلت؟ أنا..أنا ..أنا حقاً اسف يا أبى ولكن أنا.... وهنا مسحت أمى دموع أبى  وقالت له لماذا أنت صامت هكذا ؟ يجب أن تخبره الحقيقة ، هيا ألق من علي عاتقك هذا الحمل الثقيل ، هيا قل له الحقيقة ، وأنا أسمع كلام أمى هذا وأنا فى قمة الإندهاش ، حقيقة..... قل لى يا أبى أأنت  كذبت علىَّ ؟ وإن كنت كذبت علىَّ فكذبت علىَّ فى ماذا؟ هيا تكلم ، ماذا تخبئ عنى هيا ، وبينما أنا أقول كلامى هذا قال لى أبى لا توجد أى حقيقة ولا كذب ، لا يوجد أى شئ أخبئه عنك ، وفى نفس الوقت الذى نتكلم فيه أنا وأبى تصيح أمى ، لا ولمتى ستكذب عليه ؟ لابد وأن يعلم والآن ، ماذا يأبى ماذا تخبئ عني؟ لا شئ ، كيف؟!! أتكذب أمى ؟ ماذا تخبئ ؟ وأنتم أيها الخدم الكلاب الآم تنظرون ؟ هيا أذهبوا يا كلاب ، ماذا تريدون منا؟ لماذا لا تذهبوا ؟ وهنا صاحت أمى أصمت.. أصمت لا تتكلم . لن يفهموك وطالما أنت تتكلم وتصدر صوتاً سينظرون إليك ، وهنا صاح أبى أصمتى لا تكملي ، قالت لا بل على العكس ، لابد أن يعرف والآن ...نعم والآن ، وهدأنا قليلاً وبالفعل الخدم ذهبوا بعيدا عناً وهنا تكلمت أمى ، وهى منهارة ولكن فى نفس الوقت هادئة ومتزنة ، نعم لن يفهموك وهم ليسوا خدم كما قال لك أبيك بل هم أسيادك وأسيادنا ألم تلاحظ أنت مجرد عصفور هم بشر نحن هنا لتسليتهم فقط وليس العكس ونحن الذين نبهجهم وليس هم المفروض أن يبهجونا وهذا الخادم العجوز المسن فى رأيك هو صاحب هذا القصر وليس نحن كما قال لك أبيك وهما قادرين على ألآ يطعمونا ولكن من لطفهم ورحمتهم ورحمة ربنا علينا وعليهم أن جعلهم يطعموننا ويسقوننا ، ونحن هنا فى حمايتهم ، وإذا خرجنا فسنموت جميعاً ، وسنفترق جميعنا عن جمعنا وشملنا فنحن هنا بمأمن عن الشر والأذى والمكروه ، فنحن إذا خرجنا فلن نعود كما كنا وسنتعب ونكد حتى نحصل على رزقنا ، أما هنا فرزقنا يأتى لنا دون مشقة ، وأنت كما ترى نحن الآن لسنا كما كنا فأنا وأبيك الآن كبرنا ولن نتحمل المشقة أما أنت الآن فى ريعان شبابك فلربما ستتحمل ولكن ليس كل ما تتمناه تتدركه فقد يأتى لك سهماً غادر من صياد خائن ، لا يجد سعادته فى هذه الحياة سوى فى قتلنا أو ربما لا يجد له وسيلة أخرى فى هذه الحياة والدنيا الكبيرة سوى أن يقتل كائن لا يتعدى وزنه الجرام أو الجرامين ، ولعلمك ليس هذا هو الخطر الوحيد ، فأنت أيضاً من الممكن أن تأكل ، ولكنى أعجب ممنْ يتلذذون بأكلنا ، أهل أنتهت جميع وأصناف اللحوم حتى لم يتبقى سوى العصفور حتى يأكلوه ، نعم يا أبنى أباك لم يكن يريد أن يعلمك تلك الحقائق المرة حتى تكبر ، ولكن أنت منْ أردت ذلك ، فى ماذا تفكر وفيما سرحت ؟ هيا كلمنى مثلما أكلمك
أتدري يا أمى فيما أفكر ؟  أفكر فيما ستفكرين فيه بعدما قلتى لى هذا الكلام وتتنتظرى قرارى فأنا أعتقد أنكى تعتقدين أنه من المفروض بعدما سمعت هذا الكلام  أن يغمى علىَّ  أو أن أقرر البقاء في هذا السجن أقصد القصر ،  ولكن يا أمى أمتأكدة أنكى ستعيشين للغد ؟  وأنت ياأبي لي عندك سؤالين فقط أولهما: يا أأتضمن أنك ستعيش للغد؟ بالطبع لا ، والسؤال الثانى هو بعد أن يمد الله فى عمركما ويطيله ويعطيكما الصحة والعافية ويحين الموعد ، موعد صعود الروح ومفارقته للجسد هل سيضير هذا الجسد أن يُعذَّب أو يشوى على النار أو يأُكل ؟ طبعاً الإجابة ستكون كالسابقة بالطبع لا
إذا فلم نتجادل ونناقش كل لهذا ؟ ولمتى ؟ أتعلمون الحل موجود ، أنا لن أكون جاحداً أو ناكراً للجميل ولن أطلب منكما مغادرة المكان وترك حياتكما ، ولكن سأطلب منكم فقط أن تباركونى وتدعولي الله أن يوفقنى أنا قررت الرحيل ، لماذا يا أمى تبكى؟ أأتبكى من الفراق أم من الخوف على حياتى؟ إن كان من الفراق، فأنا أعدك بأنى سأتى كل فترة لأزورك ، وإن كنتى تخشي على منْ القتل أو ممنْ سيصطادونى؟ فأنا متأكد جداً من إيمانك بالله عزوجل وأنك تعلمين أن لكل أجل كتاب وكلٌ محدد له وقته ومكانه وتاريخه فلماذا البكاء ؟ وبعد عشر دقائق سيأتوا لنا بالأكل وفى هذه المرة سأهرب نعم ولكن لا تبكى وأدعى لى فقط يا أمى ، وبالفعل بعد عشر دقائق بالضبط جاءوا مرة اخرى ولكن لم يكونوا الخدم فى تلك المرة بل الأسياد واللطفاء والحنونين يطعموننا مما رزقهم الله وهم لا ينتظرون منا شيئا سوي البهجة التي ندخلها في بيتهم ،هم لم يكونوا يتصنتوا علينا كما كنت أعتقد بل يسمعون صوتنا الجميل فقط لا أكثر ولا أقل ، وها هو قد فتح الباب ليدخل لنا الاكل وفجأة هبَّ أبي وأمي صائحين في فزع وأنتفضوا إنتفاضة بركان هائل فارتبك الرجل وسقط منه الأكل وهربت انا وذهبت بعيدا وقبل ان أغادر الشرفة سمعت صوت أمى يقول ربنا معاك يا بنى وينصرك ويوفقك وأرجوك لا تنسانا.
ها أنا حر طليق فى الفضاء ، ما أجمل الهواء ! ما أجمل الإنطلاق بلا قيود بلا قضبان ! ها هي الحرية التى كنت أتمناها ، سأطير .. نعم سأطير والآن هيا يا جناحىّ  جاء دوركما هيا ارونى إلي اين سأذهب وأخذت ارفرف وأطير من مكان إلي آخر ومن آخر إلي آخر، وودعت البحر الذى كنت أراه من الشرفة أقصد السجن الذي كنت أسكن فيه ، أحمدك يا رب على هذه النعمة نعمة الطيران ، اللهم ارزقني رزقا حلالاً طيبا وارزقني الهداية ، اللهم وفقني لأجد شريكة حياتى التى تعيننى علي طاعتك وحسن عبادتك ، وبعد ان تعبت من اللف والدوران وجدتني استريح علي بناية كبيرة ، وما هذا السور الكبير الذي اقف فوقه في وسط البحر أيكون هذا ما يسمونه بالسد العالي وهذا هو النيل ؟!! آه بالفعل هذا هو السد العالى كثيراً ما كان يحكي لي ابي عنه وكم قال لي انه احد ممتلكاته الخاصة والتي ورثها ايضاً عن اجداده ، وبعد ان استرحت وجدت نفسي قد نمت واستيقظت في ميعادنا المعتاد في السادسة ولكن أنا الآن وحدي ويجب أن أثبت ذاتى واخذت أتجول فى المكان وأكلت من بعض الثمار الموجودة على الأشجار ورأيت الأجانب الذين يزورون المعابد وذهبت وطرت من هنا إلي هناك وأخذت أطير وأطير ومررت بسوق كبير وكنت أرى الناس وهى تشترى وتبيع والزحام والصوت العالى وسمعت أحدهم يستمع إلي قرآن فطلبت منه أن يعلى الصوت ولكنه لم يسمعنى أو بالأحري لم يفهمنى ورأيت آخر يسرق في الميزان فحزرته ولكن كان كالأول ورأيت أحد الصبية يحاول سرقة أحدهم فنبهته ولكن كان هو الآخر كالأول والثانى وبينما كنت أطير لاحظت أحدى العصافير كانت تطير خلفى فذهبت لأكلمها فوجدتها معجبة جدا بطريقة طيرانى وطلبت منى أن أعلمها كيف تطير مثلى بهذه الرشاقة والحيوية فقلت في نفسي آه لو تعلم أنها أول مرة لي في الطيران هل أخبرها أم أتركها معجبة هكذا بطريقة طيرانى ؟ ولكن كيف تقول أني أطير برشاقة وحيوية وأنا هذه هي المرة الأولى لى في الطيران؟ أيمكن ان يكون من فرط حبي في الطيران وكرهى للسجن الذي كنت اعيش فيه أن يكون ذلك هو السبب في طيراني بمثل هذه الرشاقة التي تتكلم عنها ؟ نعم أنا لا أري سبب آخر سوى هذا ، المهم أنتهزت الفرصة وتعرفت عليها وصرنا أصدقاء وتواعدنا على أن نتقابل في اليوم التالى عند نفس الشجرة في السابعة صباحاً وحين هلَّ الغد بفرحه أعد فطوره سريعاً وأخذ يجهز نفسه وكانت هي في ذلك الوقت أمام المرآة وقد تزينت وأصبحت أجمل عصفورة وذهب من السادسة لينتظرها ، لينتظر حلم حياته ولكنه لم يكن يدرى أن أحداً غير العصفورة ينتظره بل هو أيضاً وأنتهت حياته بطلقة ظالمة من صياد خائن ظالم ، وحين جاءت هي في موعدها لم تجده وإنما وجدت فقط ظرف مكتوب عليه عنوان بالاسكندرية وبداخله ورقة  وبالفعل ذهبت إلي مكان العنوان وكانت مترددة هل هذا هو المكان المقصود ؟ لكنها تأكدت أنه هو حين سمعت القرآن وبصوت عالى فعرفت أنهم عرفوا الحقيقة وحين دخلت لم يكن أحد بالغرفة سوى الأب والأم فقط فأعطتهم الجواب ، قالوا لها أهو الذى أرسلك ؟ فقالت لها نعم ، ففرحت الأم كثيراً وكذلك الأب كاد أن يطير من داخل القفص ، فتعجبت منهم كثيراً كيف يكون أبنهم قد مات ويفرحون هكذا ، فقالت لهم سؤالاً تريد أن تعرف به هل هم عرفوا أم لا وكان سؤالها هو هل مات أحد هنا بالبيت فقال لها الأب نعم إنه كان أجمل منْ فى القصر وأكثرهم حيوية ورشاقة فعرفت أنهم عرفوا بالخبر فتعجبت أكثر وأكثر إذن لماذا فرحوا بالجواب ولكن إندهاشي هذا لم يدم طويلاً فلقد أكمل الأب كلامه  وقال حين كان عائداً من مدرسته صدمته سيارة فمات فى الحال ، هذا هو الموت لا يفرق بين صغير وكبير، بين رجل وإمرأة، يموت منْ هو مريض ويموت منْ هو فى أتم صحة نعم هذا هو الموت، ويجب أن يُحمد الله فى كل وقت وحين وفى السراء والضراء، وهنا صرخت الأم صرخة مدوية تفآجأ على أثرها الأب وأخذ يقرأ الجواب هو الآخر ، ثم ما لبثوا أن حمدوا الله وهنا مسكت العصفورة الجواب لتقرأه وجاء فيه"السلام عليكم أتمنى من الله أن تكونا بخير وفى أتم صحة وعافية لا تحزنى يا أمى ، لا تحزن يا أبى أنت تعلم أن لكل أجل كتاب وكلٌ بميعاد وحساب ولقد جاء أجلى فأين لى من مفر ومالى فى هذه الدنيا من مستقر وخروجى من القفص عرفت الآن أن ليس تقديرى ولكن تقدير عزيز مقتدر احيا طوال حياتى محبوس مسجون داخل قفص بالأسكندرية ولم أك لحظة أعتقد أني سأغادر سجنى لتأخذ روحي بأسوان ولكنه هو القدر "
أنا أنا العصفور الشادى
أنا اللي كنت محبوس الأيادى
ياما كان نفسى أطير وألف بلادي
ياما كان نفسى أغنى وأرفرف بجناحتى
أنا العصفور الشادى
أنا اللي ياما كانوا شايلينوا
وأكل وشرب مش منعينوا
وم الصيادين كمان حامينوا
أنا العصفور الشادى
ياما كان نفسي أطير وأكون حر
وكان نفسى كمان على كل البلاد أمر
وكنت عايز فعلاً حالى يسر
أنا العصفور الشادى
فيه إيه أهم من الحرية
من كرامتنا وم العيشة الهنية
ده أنا نفسي ألف الدنيا دية
وههرب لمَّا القفص يتفتح قدام عنيا
وهطير بسرعة ولو هتقتل ببندقية
أنا العصفور الشادى
يارب أرزقنى رزق حلال
وخلينى دايماً مرتاح البال
وزوجنى عصفورة بنت حلال
أنا العصفور الشادى
أه... تعبت م اللف والدوران
طرت من اسكندرية لحد أسوان
إيه أجمل م الحرية والطيران؟
بس حقيقى بقيت تعبان
وعايز أنام على شجرة أمان
أنا العصفور الشادى
صباح الخير يا مصر
يااااااه دا احنا بقينا العصر
هروح ألف هناك عند القصر
ده مش قصر ده سوق العصر
بايعين كتير ملهمش حصر
أنت يا بياع ليه تسرق فى الميزان ؟
وأنت شيل إيدك من جيب الراجل الغلبان
وأنت يا شيخ علىِ شوية القرآن
آه...آه...آه...
ليه كده ؟ إستفدت إيه ؟
هتعذبنى ..هتدبحنى ..هتكألنى
ودي فيها إيه
لكن تحبسنى
ده اللي مقدرش عليه
وبعدين أكلى هيكفيك
طب حقى فى الحياة
مش ليا زى ما هو ليك
ماشى كل يوم ببندقية
عمَّال بتقتل فى أخواتى
وأخيراً فيا
لكن قبل ما أموت
أحب أقولك
كلنى بنفس راضية وهنية
كلنى أنا
أنا العصفور الشادى
اللي كان كل حلمه بس
فى الحرية
           الحرية
                                                           الحرية


كتابة وتأليف/ معتز الأدميرى










0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More